الايماء..التقديم و التاخير.. اساليب فصحي في الشعر الدارجي

حاول (الدحيش)المسكين ان يشفي غليله بان ينهل من زير (زير عربيه فصحي) الساقية البارد فانكسر الزير وتلاشي حلمه و احلام الترابلة .. كثيرون لا يعلمون قيمة الماء( البايت)مثل ما يعرفها هؤلاء.. لذلك استنكر الناس غضبة الرجل تلك و زجره صاحبة الجحش و هي جارته بالساقية و قريبته نسباً ...لاذت بالصمت اذ ضبط الجاني متلبساً ..و ها هو ذا يرضع من حمارتها التي يعرفها القاصي و الداني..وهي نفسها تفهم وقع جريرة الدحش الملعون...غير ان الخبر زاع و عم القري و الحضر..!! لماذا..؟؟ لان الطالع و النازل يرمي ما يحمله ارضاً و يتجه نحو الزير قبل ان يجدد ماؤه ...دا شنو....!!!؟؟؟ ..دحش سكينة عليك امان الله سواها فينا...االقصه..الشكلة... وهكذا...و لا يخلو صدر هذا او قلب تلك من احنة علي صاحب الزير او صاخبة الحمارحتي وصلت الاجداث ملونة الي من قالت:

الصمد( شنكولي) شاكي اخواتو في جر ***يا خسارةحسك الفي السلقي ينهر..!!
وما التصق هجاء بصاحبه مثل ما التصقت هذه العبارة البسيظة بعمنا شنكولي....تامل بعد ذلك في (الصمد) هذه التي قدمتها(قال اهل اللغة ان تقديم ما حقه التاخير من شانه تفخيم المقدم والتعوبل عليه) و مثالها البسيط من عندي (ممنوع التدخين) اصلها التدخين ممنوع..مبتدا و خبر و لكن المعول عليه هو المنع لذلك قدم ممنوع و هي خبر علي التدخين و هي مبتدا...و الله اعلم..
وفي ناحية اخري يحتدم الجدال حول حد الساقية ...بعيداً من (البرازه) التي تعج بالحركة( وحدات يضرن) (و حدات يدقن)
وصوت جهير يردد علي اسماعهن (غناها)لاخوانها:اقلب يا لسان بي فاقه لاتقيف
لاب شتلاً مرق في شيلو عليف
مطلوب بالجنيهات مو مصاريف
قاسوك بي تعب و خدموك ولاد ريف
(مو قضيم خلاياً تورو الزيف)...
و العبارة المقصودة و المعول عليها هي(قضيم الخلا) هذا وهي بالطبع
لا تعني قضيم الخلاء بعينه و انما قضيماً اخر انبته الزيف(رائحة المطر)
هذه الاساليب قديمة و هي كما تري وردت كثيراً في الشعر العربي و لكننا عرفناها بالفطره و احسنا استعمالها...نواصل انشا الله..

أخيرا الاستاذ والمؤرخ والموثق الحسينابي
كم انتظرناك طويلا لترفد لنا المنتدي بما تزخر به ذاكرتك وعقلك من حكاوي وآراء وافكار

فهيا "اندلق" بلا هوادة